Home مواضيع هامة حسين صدقي …. احرقوا افلامي بعد مماتي – خاص

حسين صدقي …. احرقوا افلامي بعد مماتي – خاص

1140
0

ولاء منصور – القاهرة

في مساء السادس عشر من فبراير من العام 1976م، على فراش متواضع في منزله القائم بضاحية المعادي، جنوب القاهرة، قضى ” حسين صدقي ” الفنان المصري الذي قدم للسينما قرابة الـ 32 فيلما لحظات احتضاره الاخيرة، من حوله اجتمع ثمانية أبناء: ثلاثة ذكور وخمس فتيات، أوصاهم بكل ما يمكن أن يوصى به أب أبنائه، ثم ختم وصيته بما لا يمكن أن يوصي به ” فنان” و “ممثل” وُصف لفترات طويلة بأنه ” فتى الشاشة الأول ” في السينما المصرية، قال لهم:

” أحرقوا كل أفلامي، أحرقوا كل ما يصل ليدكم منها ما عدا فيلمي خالد بن الوليد.. السينما بلا دين لا تفيد أحدا.. أحرقوا كل أفلامي.. أحرقوها

ونتيجة لذلك نفّذ أولاده وصيته فأحرقوا – في حديقة منزلهم – ” نيجاتيف” تسعة عشر فيلما نجحوا في الوصول إليها

بعد العمل ” صغيرا ” في المسرح مع فرقة ” جورج أبيض ” و ” فاطمة رشدي “، بدأ ” صدقي ” في الالتحاق بقطار العمل في السينما، وهنا بدأ صدقي في دمج الخطين المميزين في حياته: ” الالتزام الديني ” و” حبه للفن “، وبدأ مشواره من العمل في الأفلام التي حرص على أن تحمل طابعا ” أخلاقيا ” و توجيهها للجمهور، بدأ حياته الفنية في فيلم ” تيتاوونج ” عام 1937م وهو من إخراج أمينة محمد

ومنذ دخوله عالم الفن في أواخر الثلاثينيات عمِل على إيجاد سينما هادفة بعيدة عن التجارة الرخيصة، وقد دعم سعيه في هذا المنحى عبر تأسيسه شركته السينمائية ” أفلام مصر الحديثة ” لتخدم الأهداف التي كان يسعى لترسيخها في المجتمع، وكان يرى أن هناك علاقة قوية بين السينما والدين؛ لأن السينما كما يقول من دون الدين لا تؤتي ثمارها المطلوبة في خدمة الشعب وكانت باكورة إنتاجها فيلم ” العامل ” وعالجت أفلامه العديد من المشكلات مثل: مشكلة العمال التي تناولها في فيلمه ” العامل ” عام 1942م، ومشكلة تشرد الأطفال في فيلمه ” الأبرياء ” عام 1944م، وغيرها من الأفلام الهادفة

علاقته بالإخوان المسلمين

في منتصف الأربعينيات وبفضل شهرته كرجل ملتزم ظل مع عمله في السينما يرتاد المساجد ويواظب على الصلوات، تعرف ” حسين صدق ” على السيد ” حسن البنا ” زعيم ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وتوطدت علاقته به خاصة في الفترات التي منحت فيها الجماعة فرصة واسعة من أجل العمل العام، وامتدت علاقة ” صدقي ” بالإخوان حتى توطدت صداقته مع المفكر الإخواني الكبير ” سيد قطب ” الذي كثيرا ما زاره ” صدقي ” خلال مرضه

في أحد تلك الزيارات وكان ذلك قبل الثورة، وبينما كان يصطحب ” صدقي ” زوجته السيدة ” سميرة المغربي ” إلى زيارة ” قطب ” بمنزله، وكان وقتها مريضا، اقترحت زوجة ” صدقي ” على قطب أن ينصح زوجها باعتزال الفن، والامتناع عن استكمال مسيرته بالتمثيل، ولما سأل ” صدقي ” صديقه المتبحر في العلوم الدينية عن ” نصيحته ” الشخصية حول ذلك الأمر، فاجأهم ” قطب ” برأى غير متوقع عندما قال لهم: ” إن الحركة الإسلامية محتاجة لفن إسلامي، وإنني أكتب عشرات المقالات، وأخطب عشرات الخطب، وبفيلم واحد تستطيع أنت أن تُنهي على ما فعلته أنا أو تقويه، أنصحك أن تستمر لكن بأفلام هادفة

أول بطولة سينمائية له كانت من خلال فيلم “تيتاوونج” (1937)، وبلغ رصيده الفني 32 فيلمًا سينمائيًا، ولم يقتصر عمله السينمائي على التمثيل فقط، فقد كان منتجًا ومخرجًا وكاتبًا، خاصةً بعد تأسيسه شركة “أفلام مصر الحديثة” عام 1942، ومن أفلامه: “العزيمة” صاحب المركز الأول في قائمة أفضل 100 فيلم سينمائي في تاريخ السينما المصرية، “الحبيب المجهول”، “شاطئ الغرام”، “آدم وحواء”، “كلمة الأبطال”، “القاتل”، “وطني حبي”، “قلبي يهواك”، “طريق الأشواك”، “الجيل الجديد”، و”يا ظالمني” وغيرها، ودائمًا ما كانت أفلامه تناقش قضايا هامة، مثل مشاكل العمال التي تناولها في فيلمه “العامل” (1942)، ومشكلة تشرد الأطفال في فيلمه “الأبرياء” (1944)، وغيرهما من الأفلام

في مطلع 1956، دعا حسين صدقي، عبر مجلة “الموعد”، إلى “انقلاب فني”، داعيًا العقليات الفنية الموجودة آنذاك بأن يهجروا الآفاق الضيقة التي يعملون بها ويواجهوا الغزو الأجنبي بغزو مصري عربي، وفي مطلع ستينيات القرن الماضي وفي عز نجاحه ومجده، شعُر “صدقي” أنه في حاجة إلى التقرب إلى الله أكثر، فتوجه إلى شيخ الأزهر عبد الحليم محمود، والذي كانت تربطه به علاقة صداقة قوية، فشجّعه على الاعتزال، وهو ما فعله، وكان آخر أفلامه “أنا العدالة” (1961)

اشتد عليه المرض في نهاية حياته، وأُصيب بجلطة في المخ، سافر على أثرها لأمريكا للعلاج، وتماثل للشفاء وعاد إلى مصر وظل عامًا كاملًا في صحة جيدة، إلا أن المرض عاوده من جديد وتوفى يوم 16 فبراير عام 1976، وكانت آخر كلماته لأولاده قبل الرحيل: “أوصيكم بتقوى الله واحرقوا كل أفلامي ما عدا خالد بن الوليد”، وحين الوفاة كان الشيخ عبد الحليم محمود بصحبته، وهو من لقنه الشهادة، وصلى عليه، وهو أيضًا من دفنه بيده، ودُفن داخل مقبرته أمام المسجد، ولم يحضر أحد من الفنانين جنازته سوى الفنان محسن سرحان، وكان عمره وقت رحيله 59 عامًا

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here