أُعلنُ أنا د. ليون سيوفي ترشُّحي للانتخاباتِ الرئاسيةِ مُعتَبِراً “أنَّ الأزمةَ اللبنانيةَ هي واحدة من أسوأِ الأزماتِ العالمية، وتَتَطلَّبُ وِلادةَ فِكْرٍ إصلاحيٍّ جديدٍ لإنقاذِ اللبنانيينَ من تفاقُمِها. وهذا الفكرُ هو التمويلُ بالنموِّ أي تمويلُ الإنفاقِ العام بجزءٍ من معدلِ النموِ الاقتصاديِّ كبديلٍ عن التمويلِ بالعجزِ أو التمويلِ بجبايةِ الضرائبِ”. ” إني أتقدّمُ من اللبنانيينَ بمشروعٍ إقتصاديٍ إنقاذيٍ إصلاحيٍ لا يعتمدُ على فخِّ الديونِ بل على تنشيطِ الاقتصادِ الإنتاجي. أنا أحمِلُ مشروعاً لهندسةِ أمنِ المجتمعِ وتحقيقِ سعادةِ اللبنانيينَ، مُتعهّداً “أن يتراجعَ سعرُ الدولارِ إلى أقلِّ من 1500 خلالَ سنتينِ”.
أعلمُ أنّ العديدَ من اللبنانيينَ سَوفَ يستغربونَ ترشُّحَ رَجلٍ أرتوذكسيٍ لِمنصِبٍ يعتبرُهُ الكثيرونَ عُرفاً للمَوارنة، ولكنني أعلمُ أنَّ الكثيرَ من المرشحينَ لا يعلمونَ الفرقَ بينَ النُّقودِ والمادَّةِ التي تَنقُلُها النقودُ. وبسببِ هذا الجهلِ يخسرُ اللبنانيونَ مع إشراقةِ كلِّ شمسٍ 30 مليون دولار. وفيما يبحثُ المرشحونَ عن قَرْضٍ قيمتُهُ 3 مليارات دولار من صندوقِ النقدِ الدّولي، فإنَّ ثروةً تُعادِلُ 6 مليارات دولار تَتَسَرَّبُ من جيوبِ اللبنانيينَ سنوياً بسببِ الجَهْلِ والسّذاجَةِ، أتحدّى كافَّةَ المرشَّحينَ لأيِّ جِهةٍ انتموا أنْ يَعلَموا كيفَ تتسرَّبُ الثروةُ الوطنيةُ وكيفَ يُحافظونَ على هذه الثروة ويقومون بتنميتها.
وأَعْتَبِرُ أنَّ “كافةَ فئاتِ الشعبِ اللبنانيِ تُعاني من أزَمَةٍ معيشيةٍ خانقةٍ تتفاقمُ يومياً، فالمدخرات سُرِقَتْ والقضاءُ تَرَهَّلَ وأَضرَبَ عنِ العدالةِ، ورجالُ الأمنِ يُعانونَ والمعلمونَ يَنتحبونَ وكبارُ السِّنِّ يتآكَلُهُمُ الخوفُ من المستقبلِ، والشبابُ يُهاجِرُ والمرضى يموتونَ على أبوابِ المستشفياتِ، وباتَ الأمرُ بحاجةٍ ماسَّةٍ إلى رُبّانِ سفينةٍ قادرٍ على حماية رُكابِها وإيصالِها إلى برِّ الأمانِ”.
أُقارِنُ بينَ واقعِ لبنانَ اليومَ وواقعِ أوروبا أواسِطَ عصرِ النهضةِ، مُشيراً إلى أنَّ واقعَ لبنانَ اليومَ مشابِهٌ لتلكَ المرحلةِ حيثُ انتشرَ الفقرُ والبؤسُ والفسادُ بينَ الناسِ، وفي الوقتِ نفسِهِ كان البَذْخُ والفُجورُ يملآن القصورَ. فثارتْ شعوبُ أوروبا على الفقرِ والفسادِ وتَبَنَّتْ ثورتُهم مفاهيمَ فلسفيةٍ جديدةٍ. والثورةُ الإنغلوساكسونية تَبَنَّتْ الفكرَ الأفلاطونيَّ الذي اعتمدَ أسلوبَ خليةِ النحلِ التي أبقَتْ على المَلَكيةِ ولكن بدونِ صلاحياتٍ تنفيذية. والثورةُ الفرنسيةُ اعتمدت فلسفةَ العقدِ الاجتماعيّ الذي يحميهِ مجلسُ الشعبِ.أما الثورةُ البلشُفيةِ اعتمدت القيادةَ الجَماعيةَ أو المكتبَ السياسيَّ. والثورةُ الجرمانيةِ اعتمدت العنصريةِ الاجتماعية. وأَعتَبِرُ أنّ “هذه الفلسفاتِ على أهميتِها ونجاحِها الجِزْئيِّ وصلتْ إلى حائطٍ مسدودٍ، وتنامى الفقرُ والتشرُّدُ والأزماتُ وباتَ الدينُ يُعادِلُ أربعةَ أضعافِ الإنتاجِ العالمي”.
وبما أنَّ الجواهرَ لا تولَدُ إلا من الحرارةِ والضغطِ الكبيرِ، وبما أنَّ الأزَمةَ اللبنانيةَ هي من بينِ الأسوأِ في التاريخِ، فلا بُدَّ مِن ولادةِ فِكْرٍ إصلاحيٍ جديدٍ من رحَمِ الأزَمةِ الإقتصاديةِ والماليةِ اللبنانيةِ، وهو التمويلُ بالنموِّ أي تمويلُ الإنفاقِ العامِ مِن النموّ الاقتصاديِّ لا مِنَ الديونِ والضرائبِ. لبنانُ يعيشُ أسوأَ أزَمةٍ يُمكنُ أن تمرَّ بها المجتمعاتُ، وقد أوصَلَنا اليها نظامُ التحاصُصِ الطائفيِّ البغيضِ الذي قسّمَ خيراتِ الشعبِ اللبنانيِ بين زعماءِ الطوائفِ والميليشياتِ المسلحة”.
وأَختُمُ، “عندما نكونُ بحاجةٍ لعمليةٍ جراحيةٍ دقيقةٍ، فنحنُ لا نسألُ عن الهُويةِ الدينيةِ للطبيبِ، وعندما تتلاطمُ الأمواجُ بِمَركِبِنا فالسؤالُ لا يكونُ عن الدِّينِ والمذهبِ بل عن الرُّبانِ الماهرِ القادرِ على قيادةِ المركَبِ إلى بَرِّ الأمانِ”. عشتم وعاش لبنان